Mar Elias Evangelisation

Dr. Elias (PhD)

الاستهلاك

قال بشوفوا حالهم: اشترينا موبايل كذا، ولبسنا ماركة كذا، وأكلنا كذا، وشربنا كذا، ورحنا عالمطرح كذا.

طيب، شوفوا أنا شو الشغلات يلي بشوف حالي عليها:

الجمعة الماضية، بعت موبايلي الأيفون (سعرو 400 باوند)، واشتريت واحد جديد، سعرو (100 باوند). ليش؟ بس حتى كون عم احمل موبايل متواضع. لاني بعرف انو في عالم ما معها مصاري تاكل، مو تحمل موبايل.

اليوم رحت على لندن بالباص ورجعت بالباص. لما قلت لأهلي، قالولي إي خو القطار. قلتلهم انو القطار أسرع وأريح مزبوط، بس السعر أغلى بعشر مرات. أنا ماعملت هيك لأني كحتوت وبخيل ونوري، لأنو المصاري يلي وفّرتها عطيتها للشحادين يلي التقيت فيهم بالطريق، والوقت الزايد كنت عم اقرا فيه.

طيب ليش لكان عملت هيك؟ أنا عملت هيك لأنو بغير هيك اسم الله ما بيتمجد. وعطول لح ضل أعمل هيك، لأنو المسيح قال: من وضع نفسه رُفع.

إذاً شوفوا الفرق بيناتنا: انتوا متكبّرين، مترفّعين، منزّهين أنفسكم عن العالم الفقيرة. انتوا أحسن منهم، شو بدنا فيهم؟ يصطفلوا. نحنا عايشين حتى ننبسط وبس، حتى لو كان على حساب غيرنا.

هي عيشة أنانية ما بشرّفني انّي عيشها. يلي بشرّفني هو اني عيش عيشة الفقير، مو عيشة الغني. وإن عملت هيك مابعمل هيك لأني محتاج وما معي مصاري، ولكن أنا بعمل هيك لاني بعرف أنو هذا القرش نعمة، وفي عالم مشتهية حتى الخبز.

أنا وماشي بلندن، شفت عالم فقرا كثير، بس شفت واحدة سمرا أصغر منّي بالعمر، شعرها مجدول وحاملة بإيدها ورود بلاستيك وعم تبيعهم. قلت لحالي الأغلب انها مكسيكية، بحكم رفقاتي المكسيكيين يلي بعرفهم بالجامعة. طيب هي الواحدة، ليش هي لازم تتعذب وتشقى حتى تسحب القرش وتاكل، ونحنا نعيش مرفّهين مو سائلين غير على حالنا وبسطنا؟ هل هذا عدل؟

لاء، هذا مو عدل. وأنا عايش منشان هي العالم الفقيرة والمعثرة والمحتاجة، وكل شي بعملو، بعملو لأجلهم. خليكم عم تتكبّروا وتشوفوا حالكم، وأنا لح انزل لتحت. وهذا بزيدني شرف. ومن له أذنان فليسمع.

* * * * * * *

الشعب المكسيكي شعب قلبو طيّب، ولكنهم مضحوك عليهم بالثقافة الغربية الاستهلاكية متل ما انتوا مضحوك عليكم. هي الثقافة يلي بتنشر الاستهلاك: استهلكوا يا عالم واشتروا منتجاتنا، وكل ما استهلكتوا أكتر، كل ما انبسطتوا أكتر. خذوا أكثر وأكثر وخليكم عم تاخذوا وتبلعوا حتى لو كان على حساب غيركم.

هذا خلاصة كل شي بقولوه وبيعملوه، هذا مختصر ثقافتهم المادّية يلي ما بتتمحور غير حول النّفس: يا نفسي. أنانية بحتة. تعوا شوفوا مجتمعاتهم قديشها مفككة: الابن والبنت بيتركوا العيلة منشان بسطهم، منشان "يتمتّعوا بحياتهم" (المتعة بالنسبة الهم هي الجنس). لك بسمع قصص من زملائي العرب هون أنو عالم قلّعت أولادها من البيت لأنو الولد عم يصرف كثير. أنا نفسي عشت مع عيلة الأب ما بيعرف شي عن ابنو، وابنو عم يدرس من قرض آخذو من الدولة.

عنّا الأهل بيفنوا حالهم منشان أولادهم. هي التضحية هي قيمة مسيحيّة مستمدّينها من تعاليم الانجيل، ولكن ومع هيك أولادنا ما بقدروا. مفخفخين. شايفين حالهم ومو شاطرين غير بالبلع والاستهلاك. يا نفسي.

المهم،

هديك المرة بالجامعة كنا مجتمعين، كان أغلب الموجودين مكسيكيين وكنّا عم نحكي. قام انضمّلنا واحد أوروبي مابعرفو، ومدري شلون فتح السيرة وصار يحكي على اللاجئين بأوروبا، قال "انهم لازم يحترموا البلاد يلي لجئولها". وصار يخبّص كثير. أنا هيك شغلة ما بتهين عليي، واجيت بدّي احكي لك من كتر ما خبّص ما عرفت من وين بدّي ابدى. قام اجاه تلفون وراح. الحاصلو، لما راح جمّعت أفكاري وقلتلهم:

الأبدى فيه لهذا الزلمة يلي عم يحكي، انو ينتقد حكوماتو وبلادو يلي خرّبت بلاد اللاجئين، لأنو لو ما تدخّلوا حكوماتو ببلادهم، ما كانوا لجئوا بالأصل. قلتلهم يعني تطلعوا على حالكم: انتوا مكسيكيين، أميركا صرلها عم تتدخل بأمريكا اللاتينية لعقود، سواءا بالسياسة أو الرشوة أو القوة العسكرية، واقتبستلهم تشومسكي يلي قال: أنو أغلب اللاجئين المكسيكيين على أميركا هم فلاحين تدمرت أشغالهم بسبب منافسة الشركات الأمريكية الضخمة.

قلتلهم: يعني تصوّروا الكليّة تبعيتكم، فجّرت الكليّة تبعيتنا، منروح نحن عالكليّة تبعيتكم، بتقوموا بتقلعونا؟ وبتبنوا سور بوجنا؟ هل هذا عدل؟

بقا يلي بدي قلكم ياه:

لا تنخدعوا بالقشرة، بس لأنو عندهم حرية وحضارة، هذا ما بيعني انو كل شي بيعملوه صح، ونحنا ما لازم نقلّدهم. مادّيتهم ونكرانهم لالله عم يسبب انحلالهم الأخلاقي: صاروا عايشين للمصلحة وللمصاري، لهيك ماعندهم مشكلة يتدخلوا ويدمروا غير بلدان منشان المصاري، كثير من علاقاتهم ببعض كلها مصلحة بمصلحة، تخلّوا عن قيم كثيرة: متل الكرم والتضحية والشرف والكرامة، كلّو منشان شو؟ منشان متعة؟ يا نفسي. هي عيشة أنانية بتدنّي من قيمة الانسان.

ومتل ما هم عندهم أخطاء، نحنا كمان عنّا أخطائنا، وأكبرها الكذب والنفاق. وكل واحد عليه بنفسو.

* * * * * * *

انتبهوا: لما كنت عم قول انتوا، أنا ما قصدي انتوا (العالم يلي هون) أبداً. أنا ما بحكي هيك حكي.