Mar Elias Evangelisation

Dr. Elias (Ph.D)

<

قيامة الرّبّ المجيدة (٢)

قيامة الرّبّ المجيدة (٢)

قيامة الرّبّ المجيدة (2) القيامة ركنُ الدّين المسيحيّ إنّ السّيّد المسيح له المجد عيّن اثني عشر رسولا لينشروا الإنجيل، أي بشرى الخلاص، في العالم. لكنّ يهوذا سقط إذْ خان المسيح ثمّ انتحر. فكان لا بدّ لهم من استكمال عددهم بانتخاب رسول مبشّر يحلّ محلّ يهوذا. وهٰذا كان أوّلَ قرار اتّخذوه. ويروي لوقا الإنجيليّ، كاتب أعمال الرّسل (1: 15-26)، أنّ القدّيس بطرس، مهّد لهٰذا الانتخاب الهامّ بخطاب أوضح فيه: 1 - الشّرطَ الذي يجب أن يتوفّر لدى المرشّح لينال شرف الرّسالة. فقال إنّه يجب أن يكون واحدًا من الرّجال الّذين رافقوا الرّبّ يسوع والرّسل، منذ اعتماده في نهر الأردنّ على يد يوحنّا المعمدان، إلى يوم ارتفاعه إلى السّماء. أي رجلًا عرف السّيّد المسيح وسمع تعليمه وشاهد معجزاته وتبعه. 2 - المهمّةَ الموكولة إلى الرّسول الجديد. لقد حدّدها بطرس بأربع كلمات: "ليكون شاهدًا معنا بقيامته." ثمّ اقترعوا على مرشّحَين: يوسف الملقَّب يُسْتُس ومَتِّيّا. فحظي متّيّا بهٰذا الشّرف، وانضمّ إلى الرّسل الأحدَ عشر. "ليكون شاهدًا معنا بقيامته." أربع كلمات بسيطة في مبناها، غنيّة في معناها. فمنها نستدلّ أنّ تبشير الرّسل كان طبعًا يشمل كلّ ما عمل يسوع وعلّم. لكنّ الحدث الأساسيّ الذي كانوا يركّزون تعليمهم عليه هو قيامته بعد صلبه وموته ودفنه. ولا عجب في ذٰلك، فالقيامة هي الرّكن الأساسيّ الذي يقوم عليه الدّين المسيحيّ. لولاها لما كان لنا من وجود. لو مات السّيّد المسيح على فراشه موتًا طبيعيًّا، دون أن يصلب ويقوم، لكان اعتُبر واحدًا من كبار الأنبياء الكثيرين الذين عرفهم التّاريخ كموسى وإيليّا وأشعيا... القدّيس بولس أدرك تلك الحقيقة الجوهريّة وأعرب عنها ببلاغة في منتهى البساطة والرّوعة، وذلك في رسالته الأولى إلى الكورنثيّين (15:14- 28): "إن كان المسيح لم يقم فتبشيرنا باطل. إن كان المسيح لم يقم فإيمانكم أيضًا باطل. إن كان المسيح لم يقم، فالّذين ماتوا في المسيح قد هلكوا. إن كان المسيح لم يقم، وكان رجاؤنا مقصورًا على هٰذه الحياة، فنحن أشقى النّاس أجمعين. لكنّ المسيح قام من بين الأموات! وكما يموت جميع النّاس في آدم، كذٰلك سيحيون جميعًا في المسيح." إنّ القدّيس بولس، قبل اهتدائه إلى الإيمان بالرّبّ يسوع، كان يهوديًّا متعصّبًا اسمه شاول، ومن أشرس المضطهِدين للمسيحيّين الأوائل. فكيف تحوّل من عدوٍّ لدود، إلى أعظم داعيةٍ عرفته الكنيسة في تاريخها؟ لنستمع إليه يَروي بنفسه قصّة اهتدائه إلى الإيمان بينما كان منطلقًا من أورشليم إلى دمشق ليعتقل المسيحيّين: "فيما كنتُ في الطّريق وقد اقتربتُ من دمشق، حدثَ نحوَ الظّهر، أنِ ٱلتمع حولي بغتةً نورٌ من السّماء عظيمٌ، فسقطتُ على الأرض وسمعتُ صوتًا يقولُ لي: شاولُ، شاولُ، لِمَ تضطهدُني؟ فأجبتُ: مَن أنتَ يا سيّدي؟ فقال لي: أنا يسوعُ النّاصريُّ الّذي أنت تضطهدُهُ. وقد رأى الّذين كانوا معي النّورَ ولكنّهم لم يتبيّنُوا صوتَ الّذي يكلّمُني. فقلتُ: ماذا عليّ أنْ أفعل يا سيّدي؟ فقال ليَ السّيّد: انهَضْ وَأتِ دمشق فهناك يُقالُ لك ما رُسم لك أن تفعل. وإذْ بِتُّ لا أُبصرُ لشدّةِ ذٰلك النّورِ الباهر، جئتُ دمشقَ يقودُني بيدي أولئك الّذين كانوا معي." (أعمال الرّسل 22: 6- 11) إذن قيامة الرّبّ يسوع هي الّتي هدَته إلى الإيمان. وقد ذكر في رسالته الأولى إلى الكورنثيّين (15: 6) أنّ الرّبّ يسوع " تراءى لأكثرَ من خمس مئة أخٍ (أي مسيحيّ) معًا، أكثرُهُم باقٍ حتّى الآن وبعضُهم رقدوا." إنّ شهادة بولس هٰذه لها أهمّيّة قصوى لأنّها تعني: "هنالك ما لا يقلّ عن مئتَين وخمسين شاهدًا رأوا الرّبّ يسوع بعد قيامته ولا يزالون على قيد الحياة. مَن شكّ في صدقي، فله أن يسـأل أيّ واحد من هؤلاء الشّهود العَيانَ!" وقد جاب بولس معظم الأقطار الواقعة في حوض البحر المتوسّط يبشّر بقيامة المسيح ويفتخر بما قاساه من أهوال محبّةً للمسيح، ثمّ ختم حياته بنيله إكليل الاستشهاد في سبيله. هٰذا الانقلاب النّفسيّ الذي جرى لبولس وللرّسّل، لا يمكن أن يفسَّر إلّا بصحّة القيامة. فلنضمَّ هتافنا إلى هتاف أبينا في القدّيسين، يوحنّا الذّهبيّ الفم، في ختام عظته الشّهيرة لأحد الفصح: "أين شوكتكَ يا موت؟ أين غلبتكِ يا جحيم؟ قام المسيح وأنتِ صُرعتِ. قام المسيح والأبالسة سقطَت. قام المسيح والملائكة جَذِلَت. قام المسيح والحياة انتظمَت. قام المسيح ولم يبقَ في القبرِ ميتٌ. فله المجدُ والعزّة إلى دهر الدّاهرين." آمين